Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأعراف - الآية 31

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) (الأعراف) mp3
هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة رَدّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِيمَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ مِنْ الطَّوَاف بِالْبَيْتِ عُرَاة كَمَا رَوَاهُ مُسْلِم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جَرِير وَاللَّفْظ لَهُ مِنْ حَدِيث شُعْبَة عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْلٍ عَنْ مُسْلِم الْبُطَيْن عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاة الرِّجَال وَالنِّسَاء الرِّجَال بِالنَّهَارِ وَالنِّسَاء بِاللَّيْلِ وَكَانَتْ الْمَرْأَة تَقُول : الْيَوْم يَبْدُو بَعْضه أَوْ كُلّه وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلّهُ فَقَالَ اللَّه تَعَالَى " خُذُوا زِينَتكُمْ عِنْد كُلّ مَسْجِد" وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " خُذُوا زِينَتكُمْ عِنْد كُلّ مَسْجِد " الْآيَة . قَالَ كَانَ رِجَال يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاة فَأَمَرَهُمْ اللَّه بِالزِّينَةِ وَالزِّينَة اللِّبَاس وَهُوَ مَا يُوَارِي السَّوْأَة وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جَيِّد الْبَزّ وَالْمَتَاع فَأُمِرُوا أَنْ يَأْخُذُوا زِينَتهمْ عِنْد كُلّ مَسْجِد وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعَطَاء وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَمَالِك عَنْ الزُّهْرِيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ أَئِمَّة السَّلَف فِي تَفْسِيرهَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي طَوَائِف الْمُشْرِكِينَ بِالْبَيْتِ عُرَاة وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث سَعِيد بْن بَشِير وَالْأَوْزَاعِيّ عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاة فِي النِّعَال وَلَكِنْ فِي صِحَّته نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم . وَلِهَذِهِ الْآيَة وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا مِنْ السُّنَّة يُسْتَحَبّ التَّجَمُّل عِنْد الصَّلَاة وَلَا سِيَّمَا يَوْم الْجُمْعَة وَيَوْم الْعِيد وَالطِّيب لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَة وَالسِّوَاك لِأَنَّهُ مِنْ تَمَام ذَلِكَ وَمِنْ أَفْضَل اللِّبَاس الْبَيَاض كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خَيْثَم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَصَحَّحَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس مَرْفُوعًا قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اِلْبَسُوا مِنْ ثِيَابكُمْ الْبَيَاض فَإِنَّهَا مِنْ خَيْر ثِيَابكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَإِنَّ خَيْر أَكْحَالكُمْ الْإِثْمِد فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَر وَيُنْبِت الشَّعْر " . هَذَا حَدِيث جَيِّد الْإِسْنَاد رِجَاله عَلَى شَرْط مُسْلِم وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُثْمَان بْن خَيْثَم بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح وَالْإِمَام أَحْمَد أَيْضًا وَأَهْل السُّنَن بِإِسْنَادٍ جَيِّد عَنْ سَمُرَة بْن جُنْدُب قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ " عَلَيْكُمْ بِثِيَابِ الْبَيَاض فَالْبَسُوهَا فَإِنَّهَا أَطْهَر وَأَطْيَب وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ " وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ قَتَادَة عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ اِشْتَرَى رِدَاء بِأَلْفٍ وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَقَوْله تَعَالَى " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا" الْآيَة . قَالَ بَعْض السَّلَف جَمَعَ اللَّه الطِّبّ كُلّه فِي نِصْف آيَة " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا " وَقَالَ الْبُخَارِيّ قَالَ اِبْن عَبَّاس : كُلْ مَا شِئْت وَالْبَسْ شِئْت مَا أَخْطَأَتْك خَصْلَتَانِ سَرَف وَمَخِيلَة وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر عَنْ مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ " أَحَلَّ اللَّه الْأَكْل وَالشُّرْب مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أَوْ مَخِيلَة " إِسْنَاده صَحِيح وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا بَهْز حَدَّثَنَا هَمَّام عَنْ قَتَادَة عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا مِنْ غَيْر مَخِيلَة وَلَا سَرَف فَإِنَّ اللَّه يُحِبّ أَنْ يَرَى نِعْمَته عَلَى عَبْده " . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث قَتَادَة عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْر إِسْرَاف وَلَا مَخِيلَة" وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَة حَدَّثَنَا سُلَيْمَان بْن سُلَيْم الْكَلْبِيّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن جَابِر الطَّائِيّ سَمِعْت الْمِقْدَام بْن مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيّ قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " مَا مَلَأَ اِبْن آدَم وِعَاء شَرًّا مِنْ بَطْنه حَسْب اِبْن آدَم أَكَلَات يُقِمْنَ صُلْبه فَإِنْ كَانَ فَاعِلًا لَا مَحَالَة فَثُلُث لِطَعَامِهِ وَثُلُث لِشَرَابِهِ وَثُلُث لِنَفَسِهِ " وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ مِنْ طُرُق عَنْ يَحْيَى بْن جَابِر بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن وَفِي نُسْخَة حَسَن صَحِيح وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ فِي مُسْنَده حَدَّثَنَا سُوَيْد بْن عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا بَقِيَّة عَنْ يُوسُف بْن أَبِي كَثِير عَنْ نُوح بْن ذَكْوَان عَنْ الْحَسَن عَنْ أَنَس بْن مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ مِنْ السَّرَف أَنْ تَأْكُل كُلّ مَا اِشْتَهَيْت" . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب تَفَرَّدَ بِهِ بَقِيَّة وَقَالَ السُّدِّيّ كَانَ الَّذِينَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاة يُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ الْوَدَك مَا أَقَامُوا فِي الْمَوْسِم فَقَالَ اللَّه تَعَالَى لَهُمْ " كُلُوا وَاشْرَبُوا" الْآيَة . يَقُول لَا تُسْرِفُوا فِي التَّحْرِيم وَقَالَ مُجَاهِد أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّه وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ " وَلَا تُسْرِفُوا " يَقُول وَلَا تَأْكُلُوا حَرَامًا ذَلِكَ الْإِسْرَاف وَقَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله " وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ " فَفِي الطَّعَام وَالشَّرَاب وَقَالَ اِبْن جَرِير وَقَوْله " إِنَّهُ لَا يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ " يَقُول اللَّه تَعَالَى " إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ " حَدّه فِي حَلَال أَوْ حَرَام الْغَالِينَ فِيمَا أَحَلَّ بِإِحْلَالِ الْحَرَام أَوْ بِتَحْرِيمِ الْحَلَال وَلَكِنَّهُ يُحِبّ أَنْ يُحَلِّل مَا أَحَلَّ وَيُحَرِّم مَا حَرَّمَ وَذَلِكَ الْعَدْل الَّذِي أَمَرَ بِهِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • حدث غيَّر مجرى التاريخ [ غزوة بدر ]

    حدث غيَّر مجرى التاريخ: هذا الكتاب تناول غزوة بدر الكبرى بحثًا ودراسةً تحليليةً، من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وما ورد في ذلك في كتب السيرة المشهورة؛ كسيرة ابن هشام، ومغازي الواقدي، وغيرهما.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/332991

    التحميل:

  • القاموس المحيط

    القاموس المحيط: في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى الكلمة من كتاب القاموس المحيط، وهو المعجم الذي طار صيته في كل مكان، وشاع ذكره على كل لسان، حتى كادت كلمة "القاموس" تحل محل "المعجم" إذ حسب كثير من الناس أنهما لفظان مترادفان، ذلك لكثرة تداوله، وسعة انتشاره، فقد طبّقت شهرته الآفاق، وهو صبير بذلك، لأنه جمع من المزايا ما بوّأه منزلة الإمامة بين المعاجم، فأصبح المعوّل عليه، والمرجوع إليه، ومن خصائصه ومزاياه: 1- غزارة مواده وسعة استقصائه، فقد جمع بين دفتيه ما تفرق من شوارد اللغة، وضم فيها ما تبعثر من نوادرها، كما استقاها من "المحكم" و"العباب" مع زيادات أخرى من معاجم مختلفة يبلغ مجموعها ألفي مصنف من الكتب الفاخرة، فجاء في ستين ألف مادة، وقد أشار باختيار اسم معجمه هذا إلى أنه محيط بلغة العرب إحاطة البحر للمعمور من الأرض. 2- حسن اختصاره، وتمام إيجازه، فخرج من هذا الحجم اللطيف، مع أنه خلاصة ستين سفراً ضخماً هي مصنفه المحيط المسمى "اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب" مع زيادات ليست فيهما. وقد ساعد هذا الإيجاز على الانتظام في ترتيب صيغ المادة الواحدة فجاءت منتظمة مرتبة، يفصل معاني كل صيغة عن زميلتها في الاشتقاق، مع تقديم الصيغ المجردة عن المزيدة، وتأخير الأعلام في الغالب. 3- طريقته الفذّة، ومنهجه المحكم في ضبط الألفاظ. 4- إيرادة أسماء الأعلام والبلدان والبقاع وضبطها بالموازين الدقيقة السابقة، وبذلك يعد معجماً للبلدان، وموضحاً للمشتبه من الأعلام، يضاهي في ذلك كتب المشتبه في أسماء الرجال. 5- عنايته بذكر أسماء الأشجار والنبات والعقاقير الطبية مع توضيح فائدتها وتبيان خصائصها، وذكر كثير من أسماء الأمراض، وأسماء متنوعة أخرى كأسماء السيوف والأفراس والوحوش والأطيار والأيام والغزوات، فكأنه أراد أن يجعل من معجمه دائرة معارف، تحفل بأنواع العلوم واللطائف.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141373

    التحميل:

  • إفادة المسئول عن ثلاثة الأصول

    ثلاثة الأصول وأدلتها : رسالة مختصرة ونفيسة تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله، وقد قام بشرحها فضيلة الشيخ عبد الله بن صالح القصير - أثابه الله -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/285588

    التحميل:

  • إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين

    إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين: هذه الرسالة ثمرة تجميع الملاحين الجويين من الطيارين والمهندسين والمُضيفين بالخطوط العربية السعودية مسائلهم ومشكلاتهم التي يُقابلونها في أعمالهم ورحلاتهم وأسفارهم، فقاموا بترتيب هذه المسائل وعرضها على الشيخ - رحمه الله -؛ فخرجت هذه الرسالة القيمة.

    الناشر: موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين http://www.ibnothaimeen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/348435

    التحميل:

  • الفجر الصادق

    الفجر الصادق: قال المصنف - حفظه الله -: «أُقدِّم للإخوة القراء الجزء الثامن من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟!» تحت عنوان: «الفجر الصادق»، وهو زمن مشرق ناصع في حياة المسلم. إنه فجر صادق، وهل هناك أصدق ممن صدق الله وصدق في عودته؟ إذا سلك من مسالك الشيطان مدخلاً وأجلب عليه بخيله ورجله، تذكر منتبهًا من الغفلة مستدركًا للتوبة. إنها إشراقات تبدد ظلام المعصية وتزيل غشاوة الذنب».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/208979

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة