Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 71

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) (الأنعام) mp3
قَالَ السُّدِّيّ قَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ اِتَّبِعُوا سَبِيلنَا وَاتْرُكُوا دِين مُحَمَّد فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَنْفَعنَا وَلَا يَضُرّنَا وَنُرَدّ عَلَى أَعْقَابنَا " أَيْ فِي الْكُفْر " بَعْد إِذْ هَدَانَا اللَّه " فَيَكُون مَثَلنَا مَثَل الَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين فِي الْأَرْض يَقُول مَثَلكُمْ إِنْ كَفَرْتُمْ بَعْد إِيمَانكُمْ كَمَثَلِ رَجُل خَرَجَ مَعَ قَوْم عَلَى الطَّرِيق فَضَلَّ الطَّرِيق فَحَيَّرَتْهُ الشَّيَاطِين وَاسْتَهْوَتْهُ فِي الْأَرْض وَأَصْحَابه عَلَى الطَّرِيق فَجَعَلُوا يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ يَقُولُونَ اِئْتِنَا فَإِنَّا عَلَى الطَّرِيق فَأَبَى أَنْ يَأْتِيهِمْ فَذَلِكَ مَثَل مَنْ يَتَّبِعهُمْ بَعْد الْمَعْرِفَة بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ وَمُحَمَّد هُوَ الَّذِي يَدْعُو إِلَى الطَّرِيق وَالطَّرِيق هُوَ الْإِسْلَام . رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ قَتَادَة" اِسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين فِي الْأَرْض " أَضَلَّتْهُ فِي الْأَرْض يَعْنِي اِسْتَهْوَتْهُ سِيرَته كَقَوْلِهِ " تَهْوِي إِلَيْهِمْ " وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَنْفَعنَا وَلَا يَضُرّنَا " الْآيَة . هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِلْآلِهَةِ وَمَنْ يَدْعُو إِلَيْهَا وَالدُّعَاة الَّذِينَ يَدْعُونَ إِلَى هُدَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ كَمَثَلِ رَجُل ضَلَّ عَنْ طَرِيق تَائِهًا إِذْ نَادَاهُ مُنَادٍ يَا فُلَان بْن فُلَان هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيق وَلَهُ أَصْحَاب يَدْعُونَهُ يَا فُلَان هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيق فَإِنْ اِتَّبَعَ الدَّاعِي الْأَوَّل اِنْطَلَقَ بِهِ حَتَّى يُلْقِيه إِلَى الْهَلَكَة وَإِنْ أَجَابَ مَنْ يَدْعُوهُ إِلَى الْهُدَى اِهْتَدَى إِلَى الطَّرِيق وَهَذِهِ الدَّاعِيَة الَّتِي تَدْعُو فِي الْبَرِيَّة مِنْ الْغِيلَان يَقُول مَثَل مَنْ يَعْبُد هَذِهِ الْآلِهَة مِنْ دُون اللَّه فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّهُ فِي شَيْء حَتَّى يَأْتِيه الْمَوْت فَيَسْتَقْبِل النَّدَامَة وَالْهَلَكَة وَقَوْله " كَاَلَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين فِي الْأَرْض " هُمْ الْغِيلَان " يَدْعُونَهُ" بِاسْمِهِ وَاسْم أَبِيهِ وَجَدّه فَيَتَّبِعهَا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فِي شَيْء فَيُصْبِح وَقَدْ رَمَتْهُ فِي هَلَكَة وَرُبَّمَا أَكَلَتْهُ أَوْ تُلْقِيه فِي مُضِلَّة مِنْ الْأَرْض يَهْلَك فِيهَا عَطَشًا فَهَذَا مَثَل مَنْ أَجَابَ الْآلِهَة الَّتِي تُعْبَد مِنْ دُون اللَّه عَزَّ وَجَلَّ رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد" كَاَلَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين فِي الْأَرْض حَيْرَان " قَالَ رَجُل حَيْرَان يَدْعُوهُ أَصْحَابه إِلَى الطَّرِيق وَذَلِكَ مَثَل مَنْ يَضِلّ بَعْد أَنْ هُدِيَ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله " كَاَلَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين فِي الْأَرْض حَيْرَان لَهُ أَصْحَاب " هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَجِيب لِهُدَى اللَّه وَهُوَ رَجُل أَطَاعَ الشَّيْطَان وَعَمِلَ فِي الْأَرْض بِالْمَعْصِيَةِ وَحَادَ عَنْ الْحَقّ وَضَلَّ عَنْهُ وَلَهُ أَصْحَاب يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الَّذِي يَأْمُرُونَهُ بِهِ هُدًى يَقُول اللَّه ذَلِكَ لِأَوْلِيَائِهِمْ مِنْ الْإِنْس " إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّه" وَالضَّلَال مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الْجِنّ . رَوَاهُ اِبْن جَرِير ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ أَصْحَابه يَدْعُونَهُ إِلَى الضَّلَال وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ هُدًى قَالَ : وَهَذَا خِلَاف ظَاهِر الْآيَة فَإِنَّ اللَّه أَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى فَغَيْر جَائِز أَنْ يَكُون ضَلَالًا وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ هُدًى وَهُوَ كَمَا قَالَ اِبْن جَرِير فَإِنَّ السِّيَاق يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الَّذِي اِسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين فِي الْأَرْض حَيْرَان وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى الْحَال أَيْ فِي حَال حِيرَته وَضَلَاله وَجَهْله وَجْه الْمَحَجَّة وَلَهُ أَصْحَاب عَلَى الْمَحَجَّة سَائِرُونَ فَجَعَلُوا يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى الذَّهَاب مَعَهُمْ عَلَى الطَّرِيقَة الْمُثْلَى وَتَقْدِير الْكَلَام فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ وَلَا يَلْتَفِت إِلَيْهِمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَهَدَاهُ وَلَرَدَّ بِهِ إِلَى الطَّرِيق وَلِهَذَا قَالَ " قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّه هُوَ الْهُدَى " كَمَا قَالَ " وَمَنْ يَهْدِ اللَّه فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلّ " وَقَالَ " إِنْ تَحْرِص عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّه لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ " وَقَوْله " وَأُمِرْنَا لِنُسْلِم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" أَيْ نُخْلِص لَهُ الْعِبَادَة وَحْده لَا شَرِيك لَهُ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تعريف عام بدين الإسلام

    تعريف عام بدين الإسلام : يتألف هذا الكتاب من اثني عشر فصلاً ومقدمة وخاتمة. فأما المقدمة ففيها تصوير جميل لمعاني الفطرة والتكليف وطريقَي الجنة والنار وحقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة، أما الفصول الاثنا عشر فتعرض أبواب الإيمان جميعاً عرضاً واضحاً موجزاً يفهمه الكبير والصغير ويستمتع به العلماء والمثقفون وعامة الناس جميعاً؛ وهذه الفصول منها ثلاثة بمثابة المدخل للموضوع والتمهيد لباقي الكتاب، وهي: دين الإسلام، وتعريفات، وقواعد العقائد. والتسعة الباقية تشرح العقيدة وتبيّنها بما أسلفتُ من تيسير وتبسيط، وهي: الإيمان بالله، وتوحيد الألوهية، ومظاهر الإيمان، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر، والإيمان بالغيب، والإيمان بالملائكة والجن، والإيمان بالرسل، والإيمان بالكتب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228876

    التحميل:

  • إيمان المشركين وتصديقهم بالله في ضوء قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}

    إيمان المشركين وتصديقهم بالله: قال المؤلف: «فهذا بحثٌ مختصرٌ في دراسة معنى قول الله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106] أحببتُ المشاركة في جمع ما ذكره أهل العلم حول هذه الآية لمسيس الحاجة إلى بيان ما فيها من تقرير التوحيد وأنواعه، والرد على المشركين، والرد على من يجعل الغاية في التوحيد هو الإقرار بالربوبية».

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/331932

    التحميل:

  • حقوق آل البيت بين السنة والبدعة

    حقوق آل البيت بين السنة والبدعة: رسالة نادرة لشيخ الإسلام - رحمه الله - تبين مذهب السلف في شعبة من شعب الإيمان التي تتعلق بأعمال القلب، وهي حب أهل بيت النبوة كما دل عليه القرآن والحديث.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1988

    التحميل:

  • تعزية أصحاب المصائب

    تعزية أصحاب المصائب: من سعيد بن علي بن وهف القحطاني إلى فضيلة الشيخ أحمد الحواشي وزوجته أم أنس وتسنيم وجميع أسرته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد بلغني إحراق جامعكم ومكتبتكم وبيتكم، ووفاة ولديكم، فآلمني كثيراً، وقد اتصلت بكم مع الناس وعزيتكم، ولكن هذه تعزية خاصة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193671

    التحميل:

  • الطريق إلي التوبة

    الطريق إلي التوبة : فإن التوبة وظيفة العمر، وبداية العبد ونهايته، وأول منازل العبودية، وأوسطها، وآخرها. وإن حاجتنا إلى التوبة ماسة، بل إن ضرورتنا إليها ملحَّة؛ فنحن نذنب كثيرًا ونفرط في جنب الله ليلاً ونهارًا؛ فنحتاج إلى ما يصقل القلوب، وينقيها من رين المعاصي والذنوب. ثم إن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؛ فالعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية. - هذا الكتاب مختصر لكتاب التوبة وظيفة العمر.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172577

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة