Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 96

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) (آل عمران) mp3
يُخْبِر تَعَالَى أَنَّ أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ أَيْ لِعُمُومِ النَّاس لِعِبَادَتِهِمْ وَنُسُكهمْ يَطُوفُونَ بِهِ وَيُصَلُّونَ إِلَيْهِ وَيَعْتَكِفُونَ عِنْده لَلَّذِي بِبَكَّةَ " يَعْنِي الْكَعْبَة الَّتِي بَنَاهَا إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِي يَزْعُم كُلّ مِنْ طَائِفَتِي النَّصَارَى وَالْيَهُود أَنَّهُمْ عَلَى دِينه وَمَنْهَجه وَلَا يَحُجُّونَ إِلَى الْبَيْت الَّذِي بَنَاهُ عَنْ أَمْر اللَّه لَهُ فِي ذَلِكَ وَنَادَى النَّاس إِلَى حَجّه وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " مُبَارَكًا " أَيْ وُضِعَ مُبَارَكًا " وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ " وَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قُلْت يَا رَسُول اللَّه أَيّ مَسْجِد وُضِعَ أَوَّل ؟ قَالَ " الْمَسْجِد الْحَرَام " قُلْت : ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ " الْمَسْجِد الْأَقْصَى " قُلْت : كَمْ بَيْنهمَا ؟ قَالَ " أَرْبَعُونَ سَنَة " قُلْت : ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ " ثُمَّ حَيْثُ أَدْرَكَتْك الصَّلَاة فَصَلِّ فَكُلّهَا مَسْجِد " وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش بِهِ . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الصَّبَّاح حَدَّثَنَا سَعِيد بْن سُلَيْمَان عَنْ شَرِيك عَنْ مُجَالِد عَنْ الشَّعْبِيّ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى " إِنَّ أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا " قَالَ : كَانَتْ الْبُيُوت قَبْله وَلَكِنَّهُ أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِعِبَادَةِ اللَّه . وَحَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الرَّبِيع حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص عَنْ سِمَاك عَنْ خَالِد بْن عَرْعَرَة قَالَ : قَامَ رَجُل إِلَى عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : أَلَا تُحَدِّثنِي عَنْ الْبَيْت أَهُوَ أَوَّل بَيْت وُضِعَ فِي الْأَرْض ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّهُ أَوَّل بَيْت وُضِعَ فِيهِ الْبَرَكَة مَقَام إِبْرَاهِيم وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَذَكَرَ تَمَام الْخَبَر فِي كَيْفِيَّة بِنَاء إِبْرَاهِيم الْبَيْت وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي أَوَّل سُورَة الْبَقَرَة فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَته هُنَا . وَزَعَمَ السُّدِّيّ أَنَّهُ أَوَّل بَيْت وُضِعَ عَلَى وَجْه الْأَرْض مُطْلَقًا وَالصَّحِيح قَوْل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي بِنَاء الْكَعْبَة فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة مِنْ طَرِيق اِبْن لَهِيعَة عَنْ يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ أَبِي الْخَيْر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص مَرْفُوعًا " بَعَثَ اللَّه جِبْرِيل إِلَى آدَم وَحَوَّاء فَأَمَرَهُمَا بِبِنَاءِ الْكَعْبَة فَبَنَاهُ آدَم ثُمَّ أَمَرَ بِالطَّوَافِ بِهِ وَقِيلَ لَهُ : أَنْتَ أَوَّل النَّاس وَهَذَا أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ " فَإِنَّهُ كَمَا تَرَى مِنْ مُفْرَدَات اِبْن لَهِيعَة وَهُوَ ضَعِيف وَالْأَشْبَه وَاَللَّه أَعْلَم أَنْ يَكُون هَذَا مَوْقُوفًا عَلَى عَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَيَكُون مِنْ الزَّامِلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَصَابَهُمَا يَوْم الْيَرْمُوك مِنْ كَلَام أَهْل الْكِتَاب . وَقَوْله تَعَالَى " لَلَّذِي بِبَكَّةَ " بَكَّة مِنْ أَسْمَاء مَكَّة عَلَى الْمَشْهُور قِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَبُكّ أَعْنَاق الظَّلَمَة وَالْجَبَابِرَة بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَذِلُّونَ بِهَا وَيَخْضَعُونَ عِنْدهَا وَقِيلَ : لِأَنَّ النَّاس يَتَبَاكُّونَ فِيهَا أَيْ يَزْدَحِمُونَ . قَالَ قَتَادَةُ : إِنَّ اللَّه بَكَّ بِهِ النَّاس جَمِيعًا فَيُصَلِّي النِّسَاء أَمَام الرِّجَال وَلَا يُفْعَل ذَلِكَ بِبَلَدٍ غَيْرهَا . وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَمْرو بْن شُعَيْب وَمُقَاتِل بْن حَيَّان . وَذَكَرَ حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : مَكَّة مِنْ الْفَجّ إِلَى التَّنْعِيم وَبَكَّة مِنْ الْبَيْت إِلَى الْبَطْحَاء . وَقَالَ شُعْبَة عَنْ الْمُغِيرَة عَنْ إِبْرَاهِيم : بَكَّة الْبَيْت وَالْمَسْجِد وَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيّ . وَقَالَ عِكْرِمَة فِي رِوَايَة وَمَيْمُون بْن مِهْرَان : الْبَيْت وَمَا حَوْله بَكَّة وَمَا وَرَاء ذَلِكَ مَكَّة وَقَالَ أَبُو مَالِك وَأَبُو صَالِح وَإِبْرَاهِيم النَّخَِيّ وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ وَمُقَاتِل بْن حَيَّان : بَكَّة مَوْضِع الْبَيْت وَمَا سِوَى ذَلِكَ مَكَّة . وَقَدْ ذَكَرُوا لِمَكَّةَ أَسْمَاء كَثِيرَة مَكَّة وَبَكَّة وَالْبَيْت الْعَتِيق وَالْبَيْت الْحَرَام وَالْبَلَد الْأَمِين وَالْمَأْمُون وَأُمّ رَحِم وَأُمّ الْقُرَى وَصَلَاح وَالْعَرْش عَلَى وَزْن بَدْر وَالْقَادِس لِأَنَّهَا تُطَهِّر مِنْ الذُّنُوب وَالْمُقَدِّسَة وَالنَّاسَّة بِالنُّونِ وَبِالْبَاءِ أَيْضًا وَالْبَاسَّة وَالْحَاطِمَة وَالرَّأْس وَكَوْثَاء وَالْبَلْدَة وَالْبُنَيَّة وَالْكَعْبَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الحوقلة: مفهومها وفضائلها ودلالاتها العقدية

    الحوقلة: مفهومها وفضائلها ودلالاتها العقدية: رسالةٌ اشتملت على المباحث التالية: المبحث الأول: مفهوم الحَوْقلة. المبحث الثاني: فضائلها. المبحث الثالث: دلالاتها العقدية. المبحث الرابع: في التنبيه على بعض المفاهيم الخاطئة.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316764

    التحميل:

  • دفاع عن العقيدة وعن العلامة ابن باز والرد على جهالات المرتزقة

    دفاع عن العقيدة وعن العلامة ابن باز والرد على جهالات المرتزقة: بسط لعقيدة أهل السنة و الجماعة، و بيان لموردهم في عقيدة الأسماء و الصفات، و الذب عن حياض أهل العلم، و خاصة بن باز رحمه الله الذي كال له الحاقدين صنوف الإتهام و الإفك، ليصدوا العامة عن علمه الصافي و عقيدته السليمه لأغراض كاسدة بائسة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/76536

    التحميل:

  • انطلق بنا

    انطلق بنا: قال المصنف - حفظه الله -: «انطلق بنا نقلب كتب الحديث والتاريخ والسير والتراجم، انطلق بنا نعود قرونا مضت لنرى تاريخًا مضيئًا وأفعالاً مجيدة، خرجت من نفوس مليئة بالصدق والإيمان. انطلق بنا نجدد إيماننا، ونحيي هممنا، ونقوي عزائمنا. إنها وقفات سريعة ونماذج حية اخترتها بعناية وهي غيض من فيض وقليل من كثير.. فسجل الأمة تاريخ حافل مشرق مليء بالدر والآلئ يحتاج إلى من يقرأه وينظر إليه، ويتأمل فيه».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229617

    التحميل:

  • فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة

    فضل أهل البيت: مَن هم أهل البيت؟، مُجمل عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في أهل البيت، فضائل أهل البيت في القرآن الكريم، فضائل أهل البيت في السنَّة المطهَّرة، علوُّ مكانة أهل البيت عند الصحابة وتابعيهم بإحسان، مقارنة بين عقيدة أهل السُّنَّة وعقيدة غيرهم في أهل البيت، تحريم الانتساب بغير حق إلى أهل البيت.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2125

    التحميل:

  • شرح رسالة الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب

    الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب : هذه الرسالة تدور حول العمل الصالح ومضاعفته، والطرق الموصلة إلى ذلك، كتبها العلامة عبد الرحمن السعدي - رحمه الله -، وتقع في أربع صفحات ونصف، وقام بشرحها الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد - أثابه الله -.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172684

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة