Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة القصص - الآية 48

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) (القصص) mp3
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ الْقَوْم الَّذِينَ لَوْ عَذَّبَهُمْ قَبْل قِيَام الْحُجَّة عَلَيْهِمْ لَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتِهِمْ رَسُول أَنَّهُمْ لَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقّ مِنْ عِنْده عَلَى لِسَان مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا عَلَى وَجْه التَّعَنُّت وَالْعِنَاد وَالْكُفْر وَالْجَهْل وَالْإِلْحَاد " لَوْلَا أُوتِيَ مِثْل مَا أُوتِيَ مُوسَى " الْآيَة يَعْنُونَ وَاَللَّه أَعْلَم مِنْ الْآيَات الْكَثِيرَة مِثْل الْعَصَا وَالْيَد وَالطُّوفَان وَالْجَرَاد وَالْقُمَّل وَالضَّفَادِع وَالدَّم وَتَنْقِيص الزُّرُوع وَالثِّمَار مِمَّا يُضَيِّق عَلَى أَعْدَاء اللَّه وَكَفَلْقِ الْبَحْر وَتَظْلِيل الْغَمَام وَإِنْزَال الْمَنّ وَالسَّلْوَى إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الْبَاهِرَة وَالْحُجَج الْقَاهِرَة الَّتِي أَجْرَاهَا اللَّه تَعَالَى عَلَى يَدَيْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حُجَّة وَبُرْهَانًا لَهُ عَلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ وَبَنِي إِسْرَائِيل مَعَ هَذَا كُلّه لَمْ يَنْجَع فِي فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ بَلْ كَفَرُوا بِمُوسَى وَأَخِيهِ هَارُون كَمَا قَالُوا لَهُمَا " أَجِئْتنَا لِتَلْفِتنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُون لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الْأَرْض وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ " وَقَالَ تَعَالَى : " فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنْ الْمُهْلَكِينَ " وَلِهَذَا قَالَ هَهُنَا " أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل " أَيْ أَوَلَمْ يَكْفُر الْبَشَر بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ تِلْكَ الْآيَات الْعَظِيمَة " قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " أَيْ تَعَاوَنَا " وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ " أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَافِرُونَ وَلِشِدَّةِ التَّلَازُم وَالتَّصَاحُب وَالْمُقَارَبَة بَيْن مُوسَى وَهَارُون دَلَّ ذِكْر أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر كَمَا قَالَ الشَّاعِر : فَمَا أَدْرِي إِذَا يَمَّمْت أَرْضًا أُرِيد الْخَيْر أَيّهمَا يَلِينِي أَيْ فَمَا أَدْرِي يَلِينِي الْخَيْر أَوْ الشَّرّ . قَالَ مُجَاهِد : أَمَرَتْ الْيَهُود قُرَيْشًا أَنْ يَقُولُوا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فَقَالَ اللَّه " أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْل قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " قَالَ يَعْنِي مُوسَى وَهَارُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ " تَظَاهَرَا " أَيْ تَعَاوَنَا وَتَنَاصَرَا وَصَدَّقَ كُلّ مِنْهَا الْآخَر وَبِهَذَا قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو رَزِين فِي قَوْله " سَاحِرَانِ " يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُون وَهَذَا قَوْل جَيِّد قَوِيّ وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ مُسْلِم بْن يَسَار عَنْ اِبْن عَبَّاس " قَالُوا سَاحِرَانِ تَظَاهَرَا " قَالَ يَعْنُونَ مُوسَى وَمُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ وَهَذَا رِوَايَة الْحَسَن الْبَصْرِيّ . وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة. يَعْنِي عِيسَى وَمُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ وَهَذَا فِيهِ بُعْد لِأَنَّ عِيسَى لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر هَهُنَا وَاَللَّه أَعْلَم . وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ " سِحْرَانِ تَظَاهَرَا " فَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة وَالْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْنُونَ التَّوْرَاة وَالْقُرْآن وَكَذَا قَالَ عَاصِم الْجُنْدِيّ وَالسُّدِّيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم قَالَ السُّدِّيّ : يَعْنِي صَدَّقَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا الْآخَر وَقَالَ عِكْرِمَة : يَعْنُونَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَهُوَ رِوَايَة عَنْ أَبِي زُرْعَة وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير . وَقَالَ الضَّحَّاك وَقَتَادَة : الْإِنْجِيل وَالْقُرْآن وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم بِالصَّوَابِ وَالظَّاهِر عَلَى قِرَاءَة" سِحْرَانِ " أَنَّهُمْ يَعْنُونَ التَّوْرَاة وَالْقُرْآن . لِأَنَّهُ قَالَ بَعْده " قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْد اللَّه هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعهُ " وَكَثِيرًا مَا يَقْرِن اللَّه بَيْن التَّوْرَاة وَالْقُرْآن كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى : " قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ - إِلَى أَنْ قَالَ - وَهَذَا كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَك " وَقَالَ فِي آخِر السُّورَة" ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" الْآيَة وَقَالَ : " وَهَذَا كِتَاب أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَك فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " وَقَالَتْ الْجِنّ " إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْد مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ" وَقَالَ وَرَقَة بْن نَوْفَل : هَذَا النَّامُوس الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى . وَقَدْ عُلِمَ بِالضَّرُورَةِ لِذَوِي الْأَلْبَاب أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يُنْزِل كِتَابًا مِنْ السَّمَاء فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ الْكُتُب الْمُتَعَدِّدَة عَلَى أَنْبِيَائِهِ أَكْمَل وَلَا أَشْمَل وَلَا أَفْصَح وَلَا أَعْظَم وَلَا أَشْرَف مِنْ الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْقُرْآن وَبَعْده فِي الشَّرَف وَالْعَظَمَة الْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى بْن عِمْرَان عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ الْكِتَاب الَّذِي قَالَ اللَّه فِيهِ " إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاة فِيهَا هُدًى وَنُور يَحْكُم بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَار بِمَا اُسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَاب اللَّه وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء " وَالْإِنْجِيل إِنَّمَا أُنْزِلَ مُتَمِّمًا لِلتَّوْرَاةِ وَمُحِلًّا لِبَعْضِ مَا حُرِّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • من مخالفات الحج والعمرة والزيارة

    كتيب يحتوي على بعض المخالفات التي يقع فيها بعض الحجاج والمعتمرين.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/307784

    التحميل:

  • صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في صلاة الجمعة بيَّنت فيها: مفهوم الجمعة، والأصل في وجوبها، وحكم صلاة الجمعة: من تجب عليه ومن لا تجب، وأنها فرض عين على من توفرت فيه ثمانية شروط، ومن حضرها ممن لا تجب عليه من المسلمين العقلاء أجزأته عن صلاة الظهر، وانعقدت به وصح أن يؤم فيها إلا المرأة فلا يصح أن تكون خطيباً، ولا إماماً، ثم بيّنت عقوبة تارك الجمعة، وأوضحت فضائل يوم الجمعة، وفضائل صلاة الجمعة، وآداب الجمعة: الواجبة والمستحبة، ثم ذكرت خصائصها بإيجاز، ثم شروط صحة الجمعة، ثم صفة صلاة الجمعة، وقد استفدت كثيراً من تقريرات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى، ورفع درجاته في جنات النعيم -».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/58442

    التحميل:

  • التحفة القدسية في اختصار الرحبية

    متن الرحبية : متن منظوم في علم الفرائض - المواريث - عدد أبياته (175) بيتاً من بحر الرجز وزنه « مستفعلن » ست مرات، وهي من أنفع ما صنف في هذا العلم للمبتدئ، وقد صنفها العلامة أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد الحسن الرحبي الشافعي المعروف بابن المتقنة، المتوفي سنة (557هـ) - رحمه الله تعالى -، وقام الشيخ ابن الهائم - رحمه الله تعالى - باختصارها ليسهل حفظها على من عجز حفظ الأصل.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2476

    التحميل:

  • التوكل على الله وأثره في حياة المسلم

    التوكل على الله وأثره في حياة المسلم : أخي المسلم اعلم أن التوكل على الله والاعتماد عليه في جلب المنافع ودفع المضار وحصول الأرزاق وحصول النصر على الأعداء وشفاء المرضى وغير ذلك من أهم المهمات وأوجب الواجبات، ومن صفات المؤمنين، ومن شروط الإيمان، ومن أسباب قوة القلب ونشاطه، وطمأنينة النفس وسكينتها وراحتها، ومن أسباب الرزق، ويورث الثقة بالله وكفايته لعبده، وهو من أهم عناصر عقيدة المسلم الصحيحة في الله تعالى. كما يأتي في هذه الرسالة من نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة، كما أن التوكل والاعتماد على غير الله تعالى في جلب نفع أو دفع ضر أو حصول نصر أو غير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى شرك بالله تعالى ينافي عقيدة التوحيد، لذا فقد جمعت في هذه الرسالة ما تيسر لي جمعه في هذا الموضوع.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209165

    التحميل:

  • فتاوى إمام المفتين ورسول رب العالمين

    فتاوى إمام المفتين ورسول رب العالمين: فتاوى في العقيدة، الطهارة، الصلاة، الموت، الزكاة، الصوم، ليلة القدر، الحج، الأضحية، فضل بعض السور، فضل بعض الأعمال، الكسب، البيوع، المواريث ... إلخ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1962

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة